السبت، 29 يناير 2011

مجرد أوراق


بقلم:       منصف أرعيدي      




لا يمكن أن يكون الإطار المعطل قد غادر عائلته و أقربائه وشد الرحال من مدينته إلى العاصمة ، و عانى الأمرين من أجل ضمان لقمته و مبيته في هذه المدينة المادية التي لا تعترف إلا بالمال والنفوذ ، فقط من أجل الحصول على ورقة موقع عليها من طرف بعض المسؤولين ، و لا يعقل أن تجتمع المجموعات المناضلة بالرباط  مع اختلاف تاريخها النضالي و تفاوتها في العدد و السن و الأقدمية ، فقط ليتم انتزاع المذكرة الوزارية من هؤلاء المسؤولين .
 لقد كان الهدف من القدوم لهذه المدينة ،أكبر من ذلك بكثير و قد تم التعبير عنه مراراً و تكراراً ، و مع ذلك يصر هؤلاء المسؤولين على التعامي عنه و التماطل في تنفيذه ، تاركين المجال لكل تلك الأفكار المتطرفة أن تتقوى و تزيد في النمو .
فبصراحة لا أعرف لماذا لا يتم التعامل مع الملف بجدية أكبر، ولماذا يصر هؤلاء على تكرار نفس أخطاء الماضي القريب، عندما تم التعامل مع المعتصمين في العيون بنوع من الاستخفاف، حتى تطورت الأحداث إلى ما صارت إليه.
فإذا كان هؤلاء يظنون بأن المعطلين غير قادرين على تصعيد مواقفهم الاحتجاجية إلى مستويات أعلى ، فهم مخطئون و واهمون وغير مدركون فعلاً لحقيقة الأمور ، و إذا كانت تحرياتهم و استخباراتهم قد صورت لهم بأن الوضع مستقر و أن كل التحركات مسيطر عليها ، فالأمر ليس كذلك ، لأن ما يوجد في نفوس جل الأطر العليا المعطلة هو أشبه بالبركان المتأجج و الذي يصعب السيطرة عليه إذا انفجر و طفت حممه على السطح .
لقد كانت الورقة التي أتى بها ممثلو المجموعات المناضلة بالرباط من اجتماعهم الأخير مع بعض المسؤولين ، بمثابة صدمة  قوية لكل أعضائها تقريبا ، فأنا هنا لا أنكر بأن هناك قلة منهم قد اعتبرت هذه الورقة /المذكرة إنجازاً غير مسبوق يضاهي فتح القسطنطنية .
لكن الرأي الغالب و الانطباع الأعم، هو أن الحكومة مازالت لم تعي بعض خطورة الموقف، ولا تقدر فعلا عواقب الأمور.
فغالبية الأطر العليا المعطلة قد اعتبرت تلك الورقة نوعا من أنواع التماطل الذي تتقنه الحكومات المغربية في كل الملفات التي تديرها خصوصا ملف العطالة ، و أن الهدف  منها مجرد كسب الوقت للمضي قدما في سياسة مرسومة مسبقا تهدف إلى إقصاء بعض الأطر المناضلة و المثابرة وتوظيف مجموعات مشبوهة         و مجهولة الهوية و العدد .
بل هناك من ذهب أبعد من ذلك واعتبر أن هذه الورقة ما هي إلا مقدمة لسلسلة من الأوراق الأخرى التي  تنوي الحكومة إصدارها للمعطلين على فترات حتى تصل بنا إلى أبعد زمن ممكن و تفاجئنا بما لا يحمد عقباه .
لقد أعطت الحكومة للمعطلين المعتصمين بالرباط  موعد 10 فبراير كأخر أجل لإعلان الحلول النهائية لإدماج كل الأطر العليا المعطلة في أسلاك الوظيفة العمومية ، وبالأخص تلك التي تم إقصائها من الحلول السابقة .
و إن لم يكن هذا الموعد فعلاً حاسماً ونهائياً لا مواعيد بعده ، فإنني أكاد أجزم بأن حتى تلك الأقلية التي طبلت و زمرت لتلك الورقة ، ستنضم للتيار الساخط /اليائس الذي سيفاجأ الرأي العام بأشكال نضالية غير مسبوقة .
لقد قلنا سابقا بأن الكرة في ملعب الحكومة ، وأنها مطالبة بالتعامل مع الملف بجدية أكبر ، و اعتقدنا حينها بأن الرسالة قد وصلت خصوصا بعض أن عززت الأحداث الإقليمية الأخيرة من الطرح الذي حذرنا من وقوعه ، وانتظرنا فعلا أن يأتينا المسؤولين عن هذا الملف  بالشيء الملموس الذي يهدأ الأوضاع المتأججة .
 لكننا لم نرى منهم إلا مجرد أوراق .
اللهم إن نسألك اللطف فيما ستجري به المقادر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق