الثلاثاء، 12 يناير 2010

بقلم محمد أمزيان


"مجرد رأي"

تحية نضالية عالية إلى جميع أطر المجموعات المرابطة بالرباط، تحية نضالية إلى أعضاء مجموعة المستقبل للأطر العليا.

كما تعرفون أيها المعطلون، أن الهدف من النزول إلى الشارع هو الشغل والوظيفة. هذا الهدف الذي من أجله نناضل ونكافح، ليس وليد الصدفة، أو حبا في إثارة البلبلة في الشارع العام، بقدر ما هو حق مشروع أقرته جميع التشريعات، سواء الدولية أو الوطنية، ورغم ذلك فإن الحكومات المغربية لم تلتزم بهذه المقتضيات، وإن كانت قد صادقت على الاتفاقيات المتعلقة بشأن هذه الحقوق، كما أقرتها حتى في التشريعات الوطنية بدءا بدستور 1962 إلى غاية الدستور المراجع سنة 1996، إضافة إلى قوانين أخرى.

لكن رغم صراحة النصوص القانونية التي تقضي بأن كل مواطن له الحق في الشغل إلا أن الواقع المعيشي، لم يترجم لنا هذه المقتضيات على أرض الواقع، خصوصا عندما نرى قوافل من الأطر العليا واحدة تلو الأخرى في عاصمة وطننا الحبيب، والتي تتوفر على كفاءات قادرة – ويقينا- على الدفع بعجلة تنمية البلاد إلى الأمام. هذه الفئة المهدورة الحق والمضطهدة بشتى أنواع القمع المعنوي والمادي من طرف السلطات المغربية وجحافل قوى الأمن.

فهل من تحليل لهذه المعادلة؟:"الدولة المغربية تقمع وتواجه نخبتها".

فهل من دولة على المستوى العالمي كرست هذه المعادلة، ونزلت على نخبتها وكفاءاتها ودكاترتها بالقمع والاضطهاد؟ إنها مهزلة ومأساة، ومأزق بالنسبة للحكومة المغربية، وضياعن لمستقبلها أيضا.

إن المقاربة الأمنية ليست حلا لهذه المعضلة الاجتماعية، بقدر ما يجب التعامل معها بنوع من المرونة والتريث، والبحث عن بديل يفضي إلى نتيجة لصالح هذه الفئات والوطن أيضا، وإعطاء إجابة علمية دقيقة لهذه المعضلة، وليس إعطاء إجابة أمنية، لأن المعالجة الأمنية ستؤدي حتما إلى التصعيد والمزيد من النضال.

والغريب في الأمر، عندما نتحدث عن الكفاءات المرابطة بالرباط – ونعتز بمفهوم الكفاءة- نجد البعض يركنون إلى الأركان والزوايا، ويعلقون على نضالات الأطر العليا، ويربطون عطالتهم بالنقص في الكفاءة، وكذا عدم استجابة هذه الفئات- الكفاءات- لسوق الشغل، بذريعة أن هذا الأخير ليس في حاجة لمثل هذه المجموعات.

فمن هم هؤلاء يا ترى؟

البعض منهم يتربعون على مقاعد كبرى في الحكومة المغربية، بل هم المعنيون والمساهمون في هذه المأساة، إذ يصرون على أن هذه الفئات من المعطلين لا تتوافق وسوق الشغل، وكأن كفاءاتها نزلت من السماء، أو تلقت تكوينا في عالم غريب على الدولة المغربية، متناسين بأن منهجية التدريس والبرامج التربوية هم الذين ساهموا فيها لتخريج مثل هذه الكفاءات. فلماذا إذن لم يفكروا جيدا قبل أن يضعوا السياسة التعليمية بالمغرب؛ وبالتالي فنحن لا يد لنا في هذه المعضلة، بمعنى نحن ضحية السياسة التعليمية التي نهجها هؤلاء. فليتحملوا مسؤوليتهم التاريخية أمام هذه الفئة الضائعة والمغلوب على أمرها، وأمام تأخير التنمية بالبلاد.

أما البعض الآخر، فلا يستحق الرد عليه، بحيث يجب أن تتوفر فيه الشروط، وأن يكون في مستوى واحد، والجواب عليه هو أن ندعه جانبا، لأنه لم يذق ولو مرة واحدة مرارة الظروف التي مررنا بها على المستوى الدراسي وأثناء التحصيل العلمي، ليتبنى ويتخذ مسار النضال لتحقيق المطالب المشروعة التي يعرفها الإطار العالي كامل المعرفة، دون الآخر.

ومن جانب آخر، وعند قراءة الوضع الحالي والمرحلة الراهنة، وربطها بالمفاهيم الجديدة التي يتبجحون بها وطنيا ودوليا، وذلك من قبيل المواطنة، والتنمية البشرية، والحكامة؛ والمقاربة التشاركية إلى غير ذلك من الشعارات الزائفة والرنانة والجوفاء كذلك، نجد أن الدولة، بخصوص هذه الأمور تكرس قاعدة "ما تعطيه باليد اليمنى تأخذه باليد اليسرى". بمعنى أنها دائما تتظاهر بهذه الشعارات وذلك لتحسين الصورة على المستوى الدولي؛ إلا أن العكس هو الصحيح فيما يدور على المستوى الداخلي. وبالفعل إن مرآة الدولة المغربية تعكس الصورة الحقيقية على المستوى الخارجي، وخير دليل التقارير الدولية الأخيرة التي صنفت المغرب في المراتب الأخيرة على مستوى جميع الميادين.

فلنأخذ مثلا مفهوم "المواطنة"، فالجميع يعرف بأن المواطنة قبل كل شيء "حقوق وواجبات". ولنقوم بإسقاط هذا المفهوم على أرض الواقع، نجد أن المعطل هو الذي يجسد هذه المواطنة بحذافرها، على اعتبار أنه رغم ما يمارس عليه كل يوم من عنف وقمع من طرف الأجهزة الأمنية، يبقى متشبثا بوطنيته وبوطنه الحبيب، ولم يفكر يوما بأن يغادر البلاد، ويتجه إلى ديار المهجر، مع العلم أن هذه الأخيرة دائما تتصيد الفرصة لمثل هذه الحالات (كندا مثلا).

فهل المواطنة يا ترى، هي الإجهاز على حقوق المواطن عموما والمعطل خصوصا، والإنزال عليه بالهراوات وتكسير عظامه، لا لشيء إلا أنه طالب بحقه الدستوري المتمثل في الشغل؟

أم أن المواطنة هي الالتزام بالواجبات دون الاستفادة من الحقوق؟

والجواب عند أصحاب الحال كما يقال.

ولنأخذ أيضا شعار "المقاربة التشاركية" فعند التأمل جيدا في هذا المفهوم، نجد أن الهدف منه هو التشارك بين جميع القطاعات والهيئات والفاعلين في وضع سياسة أو إستراتيجية أو برنامج ما، للخروج بمشروع معين، وهذا الأمر لا يمكن الحديث عنه بمعزل عن النخبة وكذا كفاءات هذا البلد العزيز، فأي دور للإطار العالي في إشراكه في البرامج التنموية، وهو محروم من أبسط حقوقه؟

ومن خلال هذا، يراودنا شك حول مضمون ودلالات شعار "المقاربة التشاركية" لأنه أصبح في نظر الإطار –المعطل- كشعار للمقاربة الأمنية بدل التشاركية.

لأن أداة الحوار بينه وبين السلطات هي "الزروطة" و"اللكواط" واللكمات إضافة إلى أساليب استفزازية أخرى كالكلمات النابية والمشينة.

وبالتالي فلتكريس المقاربة التشاركية الحقة يجب تمتيع الأطر العليا بحقوقهم لكي يتسنى لهم تجسيد هذه المقاربة وتفعليها، والدفع بالتنمية إلى الأمام، وليس تطبيق قاعدة خطوة إلى الأمام من أجل ثلاث خطوات إلى الوراء.

وقس على ذلك جميع المفاهيم والشعارات الأخرى.

بقلم محمد أمزيان

عضو مكتب مجموعة المستقبل للأطر العليا المعطلة.


هناك تعليقان (2):

  1. الصابرين في معية الله، فهو معهم بهدايته ونصره وفتحه،

    ردحذف
  2. لا تقنط من روح الله اخي محمد فتعنت الحكومةسوف يلين عاجا او آجلا فما ضاع حق ورءه مطالب

    ردحذف